في التّقاطع الرّهيب ذاتِه!

 

حينما.. تختلطُ رائحةُ القهوة برائحة مسحوق الغسيل

على مائدةٍ سوداءَ.. مكسوّةٍ بالغبار

مكسوّةٍ حتّى آخرها بالرّذيلة..

حيث لا صوتَ يُسْمع

سوى خرير “النرجيلة”..

 

وتُملأ الصّحف بعناوين الظّروف،

وسقطاتٍ دون هوادة،

وعن سياسة الإبادة..

 

على نفس الطاولة السّوداء؛

تموتُ الظّروف فُرادى..

 

في التّقاطع الرّهيب بشارعِ “مولاي اِدريس الأوّل”

أغسل يومي بنبيذِ الحزنِ

ألعن الدّراسةَ والطبّ

ثم ألعنُ دراسةَ الطبّ

 

في التّقاطع الرهيب،

أدخّن يومي بشراهة

وأخسفُ يومي ببراعة

أنجو من ساعاتي على قلّتها،

أموت أو لا أموت

لكنّني أرتشف من الموت

أسرقُ منها لقمةً،

أرتطم بالتّقاطع ذاتِه

كمنفيّ أو ميّت على حين غِرّة

لأكمِل سحقَ خلايا عقلي

وحتّى أحمّل نفسي وِزرًا..

 

أحتسي الحليب السّاخن

وأحرّك بملعقةٍ باردةٍ

مشاعِر ذلك التّقاطع،

المنسيّة والمطويّة طيًّا..

أرى من حيث تضيق الرّؤية

من زجاج يزدادُ سُمكًا

فيبدو بذلك أقلّ شغفًا

ويمسي شفّافًا.. أكثر فأكثر!

لكنّ الرّؤية تضيق دائمًا

والحائط يصُدّ لوعتي.

 

أريده أكثر مرونةً

أريده ألا يلطِم حُزني

 

في التّقاطع الرّهيب ذاته،

أدفن كلّ شيء ولا شيء

أموت أو لا أموت،

أرى الضّجر في اللاشيء

وتبكي الطّريق مساءً

فأمشي مُكبًّا على وجهي

على وجهها..

حتّى أعزّيها في بكائها..

وحتّى لا أضمر لها حزنًا

فوق حزنها..

 

في التّقاطع ذاتِه

أموت أو لا أموت

ألهو بعمري ووقتي

وأمجّد قطرة لامست قطري..

تحدث أشياء عدّة!

وأكمل دون أن أستمع

لحزني وعُذري..

 

محمّد أشرف الشّاوي، الدّار البيضاء

 

(الصّورة من تاريخ مدينة الدّار البيضاء، المصدر وكالات)