وردةٌ سوداء

خاص بـــ«مجلّة أفانين»، حسين إقديم

 

غَابَ القَمَرْ..

غَابَ الضِّيَاءُ عَنِ البَصَرْ..

الشَّمْسُ فَارَقَتِ السَّمَاءْ..

وَالزَّهْرُ زَهْرُ الكَسْتَنَاءْ.. أَخْبِرْنِي أَيْنَ الكَسْتَنَاءْ..؟

يَا سَيِّدِي.. أَخْبِرْنِي مَا لَوْنُ الدِّمَاءْ..؟
صَفْرَاءُ أَمْ زَرْقَاءُ أَمْ سَوْدَاءْ..؟

أَخْبِرْنِي عَنْ حُسْنِ النِّسَاءْ..
يَا سَيِّدِي غَابَ الضِّيَاءْ..!

أَيْنَ الصَّبَاحْ.. أَيْنَ المَسَاءْ..؟

أَيْنَ اخْتَفَى نَجْمُ السَّمَاءْ..؟

أَيْنَ الذِينَ بِكَرْبَلَاءْ.. قُتِلُوا فَمَاتَ الكِبْرِيَاءْ..؟

تَوْرَاتُنَا.. إِنْجِيلُنَا.. قُرْآنُنَا.. وَالأَنْبِيَاءْ..

أَيْنَ اخْتَفَى أَهْلُ السَّمَاحَةِ وَالْوَفَاءْ..؟

يَا سَيِّدِي أَيْنَ الحُرُوفْ..؟

أَلِفٌ وَبَاءْ..

تَاءٌ وَثَاءْ..

جِيمٌ وَحَاءْ..؟

كَافٌ وَلَامْ.. أَيْنَ الحَمَامْ..؟

يَا سَيِّدِي..
العَيْنُ مَا عَادَتْ تَرَى.. إِنِّي ضَرِيرًا قَدْ غَدَوْتْ..

يَا سَيِّدِي أَيْنَ الضِّيَاءْ..؟

فَأَجَابَهُ رَجُلٌ عَجُوزْ.. كَلِمَاتُهُ تَبْدُو كَلُغْزْ:

مَا كُلُّ مَنْ مَلَكَ العُيُونَ فَقَدْ بَصَرْ
مَنْ غَضَّ طَرْفَ القَلْبِ يَوْمًا مَا نَظَرْ..!

صَمَتَ العَجُوزْ..

كَلِمَاتُهُ رَمْزُ الرُّمُوزْ..

صَمَتَ العَجُوزْ.. غَابَ الكَلَامْ..

أَيْنَ الذِي بِحُرُوفِهِ يُشْفِي الكِلَامْ ..؟

إِلَى اليَمِينِ إِلَى الشِّمَالْ..

نَظَرْتُ لَكِنْ مَا رَأَيْتُ سِوَى الظَّلَامْ ..

وَمَشَى فُؤَادِي لِلْأَمَامْ ..

حَسِبَ الخُطَى وَالنَّبْضَ مُتَّجِهًا إلَى وَطَنِ الوُرُودْ.. وَطَنِ الغَرَامْ ..

فَسَمِعْتُ صَوْتَ الجُلَّنَارْ .. يَبْكِي بِلَحْنٍ كَالبِحَارْ ..

رَبُّ الجَمَالْ .. يَا جُلَّنَارْ ..

هَا نَحْنُ فِي هَذَا الظَّلَامْ .. نَبْكِي وَنَنْتَظِرُ النَّهَارْ ..

ضَاعَ الجَمَالْ .. كُلُّ الأَنَامِ إِلَى الزَّوَالْ ..

مَاذَا سَنَفْعَلُ فِي الظَّلَامْ ..؟
مَاذَا سَنَكْتُبُ فِي الظَّلَامْ ..؟
مَاذَا سَنَقْرَأُ فِي الظَّلَامْ .. ؟

عَجِزَ الكَلَامُ عَنِ الكَلَامْ ..