«الشِّيزُوفرِينيَا»

خاص بـــ«مجلّة أفانين»، شيماء معدون

إنّني أفهمُ لُغة الصّمت، أُجيد حفرَ المقابر تحت عينيّ، وأبيحُ تعاطي المَاريجوانا التي زرعَها جاري البغيض فوقَ رأس الجَدي المُعلّق فِي الحَائط، ويبدُو الإنسانُ حقًّا حين تُعذّبه شياطينه، ذرَّة خردلٍ فِي الحَضيض.

في أيَّامٍ أُخرى لا يُطيق هذا الجسد الفانِي أيّ عَقاقير، ولا يُحبّذ هذا العقلُ الفارغ أيّ صفقاتٍ تُعقَد على طَاولة الفصام، ومرَّاتٍ لا حصرَ لها بالفعل، يُطلّ الصَّباحُ من مُقلتيّ وتَنسدِلُ الأَجفان لِتغرقَ في ظلامٍ حالك، أُقابلُ وجهِي الضّحوك وتتسرَّبُ داخلِي شخصية أكَاد أفقِدُ ملَامحهَا مِنَ التجهُّم، ولَا يُسعِفُني الخيالُ حتّى. هُناك بعدَ ذلك المُزعج في الأمر، أنّني أتعرّض للتحرُّش مِن قِبل السَّرير، وتُضايقُنِي الوسادة حينَ تُداعبُ وجنتيّ، صدِّقيني يَا حياة، أنَا ضحيّة مُؤامرَة بينَ شيطانٍ وجانٍ لِتَلف مُخّي واستئصَال الدُّوبامين. غيرَ أنّ الغَاية التي أسعَى لِتَحقيقها وإمضاء عقد، أقصِدُ أنّ تلكَ الفِكرة التي تُراودنِي بينَ موتٍ وهزيمَة، هي ثأرُ النفس بصورةٍ عمياء مِن أجلِ إعدامٍ وتركُ نِصفي الثّاني عَلى قيد الحياة في أرواحكُم، لَا أُخفيكم سرًّا أنّني وقعتُ في حبّ العدم، وأودّ أَن أُطبّق قانون الجذب عليه نظرًا لِإسقاط مقولَة «شبيهُ الرّوح مُنجذبٌ إليه»، بلَا شكٍّ إنّه السحر الكَاملُ الذي يُضفي لِلشِّيزوفرينيا ساحرًا بائسًا يتُوق لِتَجريبْ طبق العدَم.

قَد تكُون كذبة بالنِّسبَة إليكم لَو قلتُ أنّني أنخُر رأسِي كلَّ ليلَةٍ، وأُنظّف أعصَاب الدِّماغ مِن التّفكير المُفرط، وأعقِدُ أسلَاك الأُسطُوانَات لِتَعزف تهويدَةً تُشعِرُني بالرَّتابة، إنّه السِّحرُ الكَامل وراء وُجودي في رُبع الوَهم والتّشويق للعَدم.