«لا يُغادِرُهُ البَلَل».. مقتطفات شعريّة

خاص بـــ«مجلّة أفانين»، مقتطفات شعريّة لـ محمد المؤدن

{1}

حاضِرونَ

في أَصْواتِنا

صَلَواتِنا

كَأَوْراقٍ أسْقَطَها الخَريفُ الاهْتِراء

وَلَمْ تَنْسَها الفُصولُ

وَحْدَهُمْ

يَعودونَ في المَساءاتِ العَطْشى

يُطِلُّونَ مِنْ بَقايا

اللَّيْلِ

الدِفْءِ

يَطْلُبونَ ما بَقِيَ

مِنْهُمِ

بِداخِلِنا

لِسَانُنا يَخيطُ

طَريقَ العَوْدَةِ

عَبَثًا

كُلَّما ابْتَعَدوا تَشَنَّجْنا

وبَينَ تَريبَةٍ

وتَريبَةٍ

تَراقَصَ الصَدَأُ

وَانْكَمَشْنا

أَسْمَعُ:

اِتَبِعْ طَريقَ الجُرْحِ

قَطَراتُهُ

مَسَيرٌ

إِلَيْكَ

{2}

لماذا هَذَا اللَّيْلُ سَخِيٌّ

وفِكْرَةُ الجَسَدِ لمْ تَعُدْ نَاعِمَةً؟

أَيُّها الجَسَدُ

نَسيتَ أَصْلَكَ

أَنْتَ ما أَنْتَ أَيُّها الجَسَدُ

أَنَتَ ما وَقَعْتُ فيه

تَحْمِلُ مَلامِحي صَباحَ مَساءْ

تُشاهِدُني مِنْ بَعيدٍ

مِنْ داخِلي

أَنْتَ بِدايَتي

نِهايَتي

لا رَيْبَ في هَذا

أنْتَ الذي

لا تَذْكُرُ غَيْرَ النِّسْيانِ

غَيْرَ

افْتِراشٍ

غَيْرَ

انْكِسارْ

لا تَذْكُرُ شَيْئًا أيُّها الجالِسُ

تَحْتَ

ظِلالِ الرُّوحْ

هَذي الرّوحُ المُهْتَرِئَةُ

أَماراتُها مَخْفِيَّةٌ

تَدْنو

تَشْكو

تَسْبَحُ بَعيدًا

كَأَنَّ الجَسَدَ

عارٌ

عارٍ

مِنَ الرّوحْ

{3}

لَمْ يَتَقَطَّر الدَّمُ مِنَ الجُرْحِ

سَقَطَتْ مِنْهُ الأَجْسْادُ التي

لَمْ يَنْفُخْ فيها الأَلَمْ

مَكْبوتَةٌ هِيَ الجُروحُ

بِلا صُراخٍ

أَوْ هُوِيَّةٍ

تَشْنُقُ أَماراتِ نَشْوَتِها

غادَرَها الأَلَمُ وبَقِيَتْ ثابِتَةً

شاهَدْناها تُهَرْوِلُ وَحيدَةً

تُفَـتِّشُ عَنِ جَفْنٍ

جافٍ

تَلْبَسُهُ

جَفْنٍ مِنْ جَسَدٍ آخَرَ

مِنْ جُرْحٍ آخَرْ

لا يُغادِرُهُ البَلَلُ

يَخيطُ أَلْوانَ أَلَمِهِ بِنَفْسِهِ

تَصالَحَ مَعَهُ

حَلَّقا مَعًا

رَقَصا فَوْقَ حُطامِ الذِّكْرَياتْ

انْسَلَخا مِنَ اللَّيْلِ

مِنْ فِكْرَةِ الجَسَدْ

مِنْ الأصْواتِ التي تُفَتِّتُ

جُذورَ الشِّفاء

الشَّقاءْ

{4}

الاحْتِضانُ

ما يَبْقى بَعْدَ نهايةِ الالْتِصاقْ

هُوَ الوَطَنُ

الذي لَمْ يَكُنْ قَبْلَهُ

وَلَنْ يَكونَ بَعْدَهْ

الحُضْنُ

أكْتافٌ تَتَساقى القُبْلاتِ

قَلْبٌ يَخْفُقُ

في اليَسارِ وَاليَمينْ

أعَيُنٌ مُغْمَضَةٌ

في الشَّكِّ واليَقينْ