«الآخرُ» المسكوتُ عنه

خاص بـــ«مجلّة أفانين»، محمد المؤدن

قد أكون بخير، وقد لا أكون. لكن، لن فكر في الأمر؛ ذاك أنّني نبّئت، كباقي البشر، أنّني سأعيش في تغيرٍ دائم يعْتَبِر التغيرَ ثباتًا. إلّا أن هناك أشياء أخرى تلزم التفكير وطرح السؤال، كالتفكير في  الآخر ووضعيته، ذلك الآخر القريب أو البعيد الذي قد لا نعرف عنه شيئًا سوى اسم بلده أو نُتف من تاريخه.

هل الآخر بخير؟

سؤال شاسع، لكنّه يضيق كلّما فكرنا فيه باعتبارنا أيضًا نمثل فكرةَ الآخر بالنسبة لأناس لا يعرفوننا، وتضيق أكثر عندما أفكر في الآخر وأنا في  أفضل الأحوال؛ فأحيانًا يُربكني العالم وأشعر أنّ كل حركة أقوم بها ولا تخدم الآخر هي خيانةٌ للأخلاق، ولن أقول لإنسانيتي؛ لأنّ الإنسانية بالنسبة إليّ تشمل الإنسان في كلّ تقلباته وتصرفاته وانحرافاته؛ لذا لا أستطيع أن أقول للقاتل إنّه قام بعمل غير إنساني؛ لأن تاريخ الإنسان هو تاريخ القتل، ولكن قد أقول إنّه قام بعمل غير أخلاقي. كما إنني لا أعتبر هذا التصوّر منطقًا صالحًا بشكل جازم، بل أعلم أنّه قد يكون خاطئًا. وقد يقول قائل: إنّ للأخلاق معايير اجتماعيّة وثقافيّة تؤطرها، وإني لأعلم كلّ هذا، لكنني أعتبر أنّ كلمة الأخلاق تصلح بشكل أفضل من الإنسانية في سياق حديثي هذا، وهذا بابٌ كان لا بدّ من فتحه لتأطير مسير ما يُكتب.

وبالعودة إلى الآخر، أقول: إنّ عصب استقرار المرء السليم هو استقرار الآخر، فكيف يعقل أن أستيقظ في الصباح فرحًا نشيطًا وهناك من لم ينم بسبب خوفه من شيء لا ناقةَ له فيه ولا جمل، وبطبيعة الحال قد لا أستطيع فعل شيء، وإنّي بما سبق لا ألوم مَن لا يقوم بشيء تجاه الآخر، ولو كان الأمر كذلك كنت سألوم نفسي، ولكني أرى أنه يجب أن أذكّر نفسي دائمًا بأنّ الآخر يعاني، وأني يجب أن أساعده إن كنت قادرًا، وإني لمؤمن بأنّ تضامني معه واصِلٌ إليه ولو عن طريق مسارات الهواء التي نتقاسمها.

يجب أن أحسَّ بالآخر، وأن أعانق القريب بأكتافي والبعيد بكلماتي؛ لأني أيضًا الآخرَ في سياقٍ بشريّ مختلف. ولعلنا في الحاجة إلى حق جديدٍ وهو الحقُّ في الآخر، حق يكبر معنا ويذكرنا دائمًا بضرورة الإيمان بأنّ المرء جزءٌ من كل يشكل توازنه، جزءٌ يؤمن أنّ كليّته لا تقوم إلا بقوام الآخر، كما يجب أن نعلم أنّ  الآخر بحاجة إلينا عندما لا يكون بحاجة إلينا!

Afanine

مجلة أفانين: هي منصّة إلكترونيّة حرّة، وشاملة، ومتنوّعة، تديرها جمعيّة كتّاب الزيتون والمعهد اللغوي الأمريكي بالدار البيضاء، وتضع على عاتِقها أن تفتحَ نافذةً، للكتّاب والفنّانين في المغرب، نحو آفاق الإبداع. تنشر المجلة أعمالًا أدبية وفنية للكتاب والفنانين الشّباب بالمغرب، بالإضافة إلى مقابلات، وبروفيلات، وفرص، وصور فوتغرافية، وغير ذلك. تروم المجلة تسليط الضّوء على إبداعات الكتاب والفنانين الصّاعدين بالمغرب.

جميع مقالات الكاتب

حول المجلة

“مجلة أفانين” هي منصّة إلكترونيّة حرّة، وشاملة، ومتنوّعة، تديرها جمعيّة كتّاب الزيتون والمعهد اللغوي الأمريكي بالدار البيضاء، وتضع على عاتِقها أن تفتحَ نافذةً، للكتّاب والفنّانين في المغرب، نحو آفاق الإبداع. تنشر المجلة أعمالًا أدبية وفنية للكتاب والفنانين الشّباب بالمغرب، بالإضافة إلى مقابلات، وبروفيلات، وفرص، وصور فوتغرافية، وغير ذلك. تروم المجلة تسليط الضّوء على إبداعات الكتاب والفنانين الصّاعدين بالمغرب.

تجدون هنا الأعداد السابقة

Women In Our Lives Anthology
Essays on Identity and Belonging
Olive Writers Summer Camp 2019 Anthology
Write From Home Anthology
Olive Writers Magazine another recent issues

ملاحظة:

جميع الآراء الواردة في الأعمال المنشروة تعبّر عن رأي أصحابها، ولا تعبّر بالضّرورة عن رأي مجلّة أفانين والمؤسسات الشّريكة.

“مجلة أفانين” هي منصّة إلكترونيّة حرّة، وشاملة، ومتنوّعة، تنبثق عن جمعيّة كتّاب الزيتون، وتضع على عاتِقها أن تفتحَ نافذةً، للكتّاب والفنّانين في المغرب، نحو آفاق الإبداع. تنشر المجلة أعمالًا أدبية وفنية للكتاب والفنانين الشّباب بالمغرب، بالإضافة إلى مقابلات، وبروفيلات، وفرص، وصور فوتغرافية. تروم المجلة تسليط الضوء على إبداعات الكتاب والفنانين الصّاعدين بالمغرب.

Women In Our Lives Anthology
Essays on Identity and Belonging
Olive Writers Summer Camp 2019 Anthology.
Write From Home Anthology.
Olive Writers Magazine another recent issues.