قمرٌ أمازيغيٌّ على «مراكش»

خاص بـــ«مجلّة أفانين»، أحمد دبيش (*)

 

مَهدُ الجَمالِ و موئلُ العُظـماءِ
وبسَـاطُ تَرتيـلِ الهُدى الوضَّاءِ

عَـبَقٌ منَ الذِّكرى القَـديمةِ هَزَّنِــي
فرأَيـتُ منْ وَجدي سَنا الحَمْــراءِ

نَطَـقَ الزَّمانُ فكَـانَ خَيْـرَ مُحدِّثٍ
خَـبرَ العِـظَامِ لأنجبِ الأَبْــناءِ

وانْزاحَ عنْ وجْـهِ الوجُودِ وجومُهُ
ورَوىْ ليَ التاريخَ دونَ رِوائِــــيْ

وَسَرى بِـيَ التَّاريخُ أحْـدوْ شَـمسَهُ
حتَّى وصَـلتُ لربْوةٍ فَيحَــــــــاءِ

فلَقيتُ فاتِـنةً تَسيْــــرُ تَمايُــــلاً
كالغُـصْنِ مَالَ مُحمَّـــــــلاً بالماءِ

قَـمرٌ أمازيغيٌّ تألقَ في العلا
وأضاءَ بالبَسماتِ وسط سمائي

اللهُ أكبرُ! والجَمالُ تجمَّـــعَتْ
آياتُهُ في وجْـهِهَا الغَـــــــــنَّاءِ

للشَّرقِ منْ هذا الجَمَالِ نصيْبُهُ
سِحْرُ البَـيانِ ومَـنطِقُ الشُّعراءِ

فلَقَدْ تَزيّنَ حُسنُها ببَــلاغَةٍ
كالورْدِ فاحَ إذِ الْـتقَى بالـمَاءِ

وَدَنتْ إِليَّ عَلىْ غَرابةِ مَظْهَري
وتَلَعثـمتْ بكَـلامِها بَحـياءِ

هلْ أنْتِ؟ ثُمَّ دُهِشْتُ فيْ وَجنَاتِها
قَالتْ: وَمنْ مُرَّاكــــــشٍ آبَائي

مُرَّاكشٌ! وانتاب قلبي رعشةٌ
من رهبةِ التاريخِ في أحشائيْ

للّهِ دَرّهمُ أقامُوا دولَـــــةً
بذكَاءِ يُوسفَ غُرّةِ الأُمَـراءِ

فأُعِيْدَ للإسْلامِ هيْبتُـهُ التي
كادَتْ تُبَـدَّدُ فيْ يَدِ الأَعْداءِ

قالتْ: هُنا التَّاريخُ .. رايَاتُ العُلى
وهُنا الهُدى قَدْ صَارَ للجَوزَاءِ

مُرّاكشٌ!! كلّ الجَمالِ ملكْـتِهِ
شَفَق الغُروبِ بشمْسِهِ الحمراءِ

فالثّلْجُ منْ فوقِ الجبالِ كَلوْحةٍ
فنَّـيّــةٍ نَزَلَتْ من العَلــياءِ

وَمآذنٌ صَدَحَتْ على شُرُفاتِها
دينَ التوسُّطِ لا هَوى الغُربَاءِ

والبُرتقالُ مَشاتلٌ قدْ زانَهُ
فوقَ المنازلِ غَـيْمةٌ بشِتاءِ

والأرضُ بالزيتونِ تَزهو خُضْرةً
والطِّيْبُ والأزهارُ في الأرجَاءِ

يا أرضَ يُوسفَ بل مَنابتَ أمةٍ
يا حَاضِراً يَزهو عَلى الجَـوزاءِ

أنتِ الجميلةُ من جَميعِِ جِهاتِهَا
أَنَـفُ المُلُـوكِ وعيْشةُ البُسَطاءِ

قَدَ يحكمُ السُّلطانُ شَكَلاً إنَّما
تَـبْقى القُلوبُ بسُلطةِ الحَسْناءِ

حَـلَفتْ بحُسنكِ أنْ تَظلَّ وفيَّةً
رُوحِي لِحُـبِّكِ فِيْ رَخَا وَبَـلاءِ

فَترفقي حُـبَّاً بِقلْـبي إنَّـمَا
أنَا فِي الهَوى مِنْ جُملةِ الشُّـعراءِ

 

(*) يَمَني مقيم بالمغرب