تحجّر سابقٌ لأوانِه

خاص بـــ«مجلّة أفانين»، عبد العظيم الحيداوي

 

«أن تسافر جيّدًا خيرٌ من أن تَصل»

 

ألست تَرى

عندما تغرب الشّمس تندلع النّار ترثي النّهار

وتلبس كلّ العيون السّوادا

هو اللّيل كُحل المجرّات حين تُشيّع نجمًا وتبكي حِدادا

 

ألست تَرى ما يراه القطار

يسيرُ كما النّهر لا يلتفتْ

ويحلم دومًا بتغيير هذا المسارْ

فكيف تُرى من طريقٍ محتّمةٍ ينفلتْ

ويرسم كلّ الجهات امتدادا

 

ألست تَرى غيمةً نزفت

تكثّف شوق التّراب الذي طلّقته الشتاءْ

وذوّب أحشاءها فبَكت

فكيفَ خرجنا نغنّي ونرقُص تحت البكاءْ

ونُنشد في كلّ حقلٍ حصادا

 

غريبٌ هو الحبّ يا صاحبي

ألست تَرى حين تطرُق قلبك ضاحكةٌ عابرةٌ

تقوم لتَفتح باب الهوى

هنالِك حيثُ يجفّ الكلام

فما أفصح الصّمت

حين تشفّ الشّفاه الرّقيقة عن بسمةٍ ساحرةٍ

وما أوجع الفَقد حين ستفتح باب النّوى

وتركب يوم الرّحيل مطيّتها هودجًا كان أو طائرة

فلا تبتئس تلك عادتها وفي كلّ مطلع حبّ سيفقدُ «كعبٌ» «سُعادا»

ولن تُغلقَ الباب خلفك هاتِ السّهام

وطارد غزالتك النّافرة

 

تعبت من السّير لكن سيقتلني الانتظار

ومهما أطلتُ الوقوف ستشتاق أشرعتي للرّحيل

إذن سأمزّق تأشيرتي ثمّ أخلعُ ذاكرتي في المطار

لأركب هذا الحصان وحيدًا إلى آخر المُستحيل

وأزرع في كلّ أرضٍ بلادا

 

سرابٌ هو الشّعر يا صاحبي

ألست تَرى أنّ هذي المطالع منذ اقتربنا تزيدُ ابتعادا

وهذي الطّريق التي استهلكتها الحوافرُ لن أستطيع العبور عليها فما زلت أسمعُ فيها الصّهيل المُعادا

تعال لنبتكرَ الآن صوتا وأخيلةً وجيادا.

 

13 غُشت 2020، الدّاخلة.