الصّمت

 

عِنْدَمَا يَكُونُ الصَّمْتُ هُوَ الخِيَارُ الوَحِيدُ المُتَبَقِّي لَدَيْنَا..
فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ قُلُوبَنَا وَصَلَ بِهَا الحُزْنُ إِلَى الغَايَةِ القُصْوَى..
دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كَلَامَنَا لَمْ تَبْقَ لَهُ ذَرَّةُ قِيمَةٍ..
دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ جُرْحَ فُؤَادِنَا لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَلْتَئِمَ..
دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَشَاعِرَنَا انْكَسَرَتْ كَمَا يَنْكَسِرُ الزُّجَاجُ ..
دَلِيلٌ عَلَى أَنَّنَا تَعَرَّضْنَا لِلْخِيَانَةِ مِنْ أُنَاسٍ هُمْ أَقْرَبُ إِلَيْنَا مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ ..
قُلٌوبُنَا لَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تَتَحَمَّلَ..
لِمَاذَا؟
لِأَنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ ضَعِيفاً..
خُلِقْنَا ضُعَفَاءَ، وَابْتُلِينَا بِأُنَاسٍ زَادُوا فِي ضعْفَنَا..
كَسَرُونَا
قَتَلُونَا
دَمَّرُونَا
ثُمَّ مَاذَا؟
ثُمَّ صَبِرْنَا لِأَنَّنَا نُحِبُّهُمْ، ثُمَّ إِنَّ العِتَابَ لَا يُجْدِي ..
كُلَّمَا اَزْدَدْنَا قُرْباً، ازْدَادُوا نَأْياً ..
كُلَّمَا اَزْدَدْنَا حُبّاً .. ازْدَادُوا كُرْهاً ..
وَعِنْدَمَا عَلِمْنَا أَنَّهُ لَا جَدْوَى مِنَ الانْتِظَارِ، وَأَنَّنَا لَنْ نَنَالَ حُبَّهُمْ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ.. جَاءَ أَمْرُ اللهِ !
سُنَّةُ اللهِ فِي أَرْضِهِ: إِنَّ بَعْدَ العُسْرِ يُسْراً..
.. الليْلُ مَهْمَا طَالَ يَعْقُبُهُ الصُّبْحُ ،،
الظَّلَامُ مَهْمَا طَالَ .. يَعْقُبُهُ النُّورُ..
والْكُرْهُ مَهْمَا طَالَ .. يَعْقُبُهُ الحُبُّ..
لَمْ يُبْعِدِ اللهُ عَنَّا أَشْخَاصاً لِنَتَأَلَّمَ.. بَلْ أَبْعَدَهُمْ عَنَّا لِأَنَّهُ لَا يَرَاهُمْ أَهْلاً لَنَا..
سُبْحَانَهُ كَانَ يُرِيدُ لَنَا الْأَحْسَنَ .. اَلْأَفْضَلَ.. وَالْأَجْمَلَ ..
كَانَ ابْتِلَاؤُهُ ابْتِلَاءً صَعْباً .. وَلَكِنْ ثَمْرَتُهُ أَحْلَى..
فَقَطْ لِأَنَّنَا سَقَيْنَاهَا بِمَاءِ الصَّبْرِ ..
ثُمَّ مَاذَا ؟
ثُمَّ أَرْسَلَ اللهُ إِلَيْنَا أَشْخَاصاً كَالمَلَائِكَةِ، مَسَحُوا دَمْعَنَا، أَعَادُوا الْفَرْحَةَ إِلَى قُلُوبِنَا ..
وَأَعَادُوا الْبَسْمَةَ إِلَى وُجُوهِنَا..
أَجْبَرُوا خَوَاطِرَنَا …
وَأَخْبَرُونَا أَنَّ اللهَ لَا يَتْرُكُ عَبْداً فِي ضَيْقٍ.. وَأَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ..

 

 

حسين اقديم. ورزازات