عراء

بدلًا منّي

في آخر النّفق يرقص كناري أصفر على صوت النّاي

بدلًا منّي

استعاد الزّهر رائحته من المطر

وبدلًا منّي أصبح للشّارع أجرسًا

مصابيحًا تنطفئ كلّ صباح

لكي لا يصاب الضّوء بالزّكام

 

بدلًا منّي

يحمل الموت أسماء الموتى

مُضَرَّجا بثيابهم، بنشيدهم

في جنازاتهم

أوسع للآخرين وقتا للوداع،

كانوا لا يعرفون أنّهم يسيرون نحو النّهاية

 

بدلًا منّي

يحبّ قلبي امرأةً

تحبّ القطط واللّيل،

امرأة تبحث عن خيانتي،

امرأة تضع الكحْل

كلّما ملأ الرّيح عيناها بالغضب

يحبّ قلبي امرأةً لا تجيد الرّقص ولا صنع القهوة،

باسمها

أصنع تفاصيلها

لأكذوبة حبّ ترميني في ساعة الجرح

في ساحة مدينة لم يبلّلها المطر يومًا

باسمها قرأت أنّ “الحبّ كذبتنا الصّادقة”

 

بدلًا منّي

يكبر الورد في شرفتنا

ويستيقظ الموت منهزمًا

من صورتي التي تشبهني

بدلًا منّي

لا أتذكّر أسماء نساء

أحببتهنّ

ولا أتذكّر شكل المدن التي صفّقت لهزائمي

بدلًا منّي

صار قلبي شاعرًا،

نافذةً

تطلّ على موتي البطيء

على رحلتي الأولى في بحر النّزيف

 

بدلًا منّي

كان البحر

قصيدة من العراء،

مقبرة السّراب،

حينها لم أكن حاضرًا

كنت أخزّن الملح في دمي

لكي لا يقول البحر “ليس منّي”

 

بدلًا منّي

كان اسمي

تفاصيل ولادة

لم أكن فيها “أنا”

الغريب

لكي لا أكون استعارة شاعر

يدخّن قصائد

حبيبته

التي تعمل نادلة مقهى.

 

عاطف معاويّة، المضيق